محمد يحيى العبدلي عصو فضي
عدد المساهمات : 547 نقاط : 51290 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 15/02/2011 العمر : 33 الموقع : myy_alabdli@yahoo.com
| موضوع: مـــاذا لو ضـــرب الطالـــب معلمــه؟! ظاهرة العنف المدرسي إلى اتساع.. الأحد فبراير 27, 2011 11:28 pm | |
| دادت مؤخراً الشكوى في المدارس من عنف الطلاب وخشونتهم في التعامل مع بعضهم أو مع إكساءات وأثاث المدرسة أو مع الكادر التدريسي والإداري، فقد أبلغنا أحد المواطنين عن تأذي عين تلميذة في الصف الأول في الحسكة، نتيجة إصابتها في محيط المدرسة، كما سمعنا من بعض الأهالي أنهم طالما ترددوا على مدارس أبنائهم يشتكون من تعرّض أبنائهم للضرب من أمثالهم في المدرسة،
حتى أنهم بيّنوا وخاصة في المدارس المتواجدة في مناطق السكن العشوائي، أن بعض الطلاب العدوانيين لهم ألقاب درج إطلاقها عليهم نسبة إلى بعض من يمثلون أدواراً شريرة في بعض المسلسلات التلفزيونية، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، فحتى المعلم بات يخاف من أية ردة فعل منه تجاه موقف غير تربوي من أحد الطلاب، فقد يهدد من الطلاب بالشرطة أو باعتراضه بعد الانصراف منها، وطبعاً لكل ما يحدث عوامل عدة مسببة، منها البيت والشارع والبيئة، التي ينشأ فيها المتعلم، إضافة إلى غياب أسلوب الثواب والعقاب في المدارس، وخاصة الغياب شبه التام لدور المرشد النفسي، وعلى الرغم من أننا ضد الضرب في المدارس كما تركز وزارة التربية، إلا أننا نتساءل: ما هو الإجراء بالمقابل في حال أساء التلميذ أو الطالب بشكل لا ينفع معه أي أسلوب تربوي حضاري؟!.. فالمعلم عندما يضرب نقيم عليه الحدّ، وبالمقابل يكون التساهل الذي يزيد التمادي مع الطالب.
عوامل متعددة
لدى استطلاع بعض الآراء في مدارس مناطق المخالفات في دمشق، تبيّن أن المدارس هي عبارة عن بيوت عربية مستأجرة غير ملائمة لإنجاح العملية التربوية، فإما لا تتوفر فيها باحات أو باحاتها صغيرة لا مجال لأن يأخذ التلميذ راحته فيها أثناء الفرص، ونتيجة لهذا الضغط يفرغ التلميذ طاقته في إيذاء زملائه.
وفي مدارس مناطق أخرى، أشار البعض إلى أن القرارات الصارمة بعدم الضرب، أدت إلى عدم احترام الأهالي بالدرجة الأولى والتلاميذ بالدرجة الثانية للمعلم، وقد وصلت الجرأة بهم إلى التلفظ بكلمات سيئة مع المعلمين، ورميهم في إحدى المدارس بالبطيخ تارة وبالبندورة تارة أخرى، وعند استدعاء أولياء أمورهم لإطلاعهم على ذلك، لم يكن هناك أي تعاون من قبلهم.
وأشار آخرون إلى أن التلاميذ أو الطلاب يحاولون تقليد ما يشاهدونه على شاشة التلفزة لدرجة تجد البعض يحمل سكيناً صغيرة (طوي) أو قصاصة أظافر ليسترجلوا بها على زملائهم، وأحياناً ونتيجة عدم اهتمام الأهل ببعض الأمور التي يعتبرونها صغيرة وعدم تنبيههم لأبنائهم من خطورتها، تجد أن تلميذاً يأخذ أدوات زميله أو مصروفه اليومي أو سندويشته أحياناً إما بالسر أو بالتهديد، والأهم ما يسمع من التلاميذ والطلاب، حيث يتفوهون بكلمات بذيئة تقشعر لها الأبدان.
وفي مدارس أخرى، وخاصة المختلطة، فإن الطلاب يحاولون (التقاوي) على بعضهم أو على إكساء الصف وأثاثه استعراضاً للفت أنظار الجنس الآخر، فبعد وقت من سير العام الدراسي، تجد الأبواب والتجهيزات الكهربائية والصحية قد تعرضت للتخريب، وتم التعليق على موضوع عدم الضرب من قبل المعلم، حيث أن هناك مطلباً بأن يتم التدقيق في الشكوى عليه قبل إهانته باستقدام الشرطة، أو معاقبته بطرق أخرى، وأملوا ألا تقدم أية شكوى بحق أي مدرس إلا عن طريق الإدارة وببيان منها، وتساءل الجميع: كيف يكون للطالب حقوق وليس عليه واجبات على مبدأ الثواب والعقاب؟!.. وأورد أحدهم حادثة أن تهجم الطلاب على مدرّس في الصف، وانتظروه بعد انتهاء الدوام، والذي حماه المدير مرافقاً إياه حتى يصعد السرفيس لعدة أيام، وتمنى من التقيناهم بأن يكون قرار مجلس المدرسين في حال فُصل أو نُقل طالب نافذاً، لا أن يتم إهماله كما يحدث أحياناً في مديريات التربية.
يخالف القواعد التربوية
القضية لا شك متشعبة ولها مسبباتها وعواملها ونتائجها العديدة، ولمعرفة الرأي التربوي والنفسي فيها، توقفنا في جامعة دمشق - كلية التربية مع الدكتور خالد العمار، المدرس في قسم الإرشاد النفسي، وسألناه عن العنف ومسبباته في المدرسة فأجاب: بلا شك العنف بصورة عامة أمر مرفوض ويخالف القواعد التربوية في الدول المتقدمة والدول عامة، ولكن حقيقة هناك فجوة ما بين التربية البيتية والتربية المدرسية، فالطفل الذي تعوّد الضرب وأن يُقوّم سلوكه من خلال العنف في البيت، يصعب عليه أن يتكيف مع معاملة تخلو من الضرب لأنه قد عُزز وتربى نفسياً من خلال المعاملة المتسمة بالعنف، أي لم يتعود في البيت الأسلوب الحواري أو الديمقراطي مع الوالدين، بل غالباً ما تُحسم الأمور من خلال العنف المتجه نحو الأطفال من قبل الوالدين، لأن التربية التقليدية في البيوت ما زالت سائدة لدينا ومنتشرة في أغلبها، وهذا الأمر ينعكس على الواقع المدرسي.
والجدير ذكره أيضاً أن المدرّس لديه ضغط كبير جداً، فهو من جهة يعاني من زيادة عدد الطلاب في الصف، ومن جهة أخرى يعاني من متطلبات الدراسة والإدارة، هذا بالإضافة إلى ضغوطه الشخصية والاجتماعية، فهو شخص من هذا المحيط يتأثر ويؤثر فيه، والمجتمع لدينا فيه الكثير من الضغوط المعيشية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية، وعلاوة على هذا كله، يُطلب من المدرّس أن تكون معاملته للتلميذ أو الطالب بعيدة عن العنف، في الوقت الذي يأتي فيه ذلك التلميذ أو الطالب من البيت وقد زُود بأسلوب تعامل يعج بالعنف والقمع، حيث أصبحت الأساليب الأخرى من معاملات ديمقراطية وحوارية إلى حدّ ما وإلى زمن ما غير مجدية مع هذه الأعباء سالفة الذكر التي تحيط بالمدرّس.
في منتصف المسافة
واستفسرنا من د. العمار عن دور المرشد النفسي وسط هذا الواقع، الذي أحوج ما يكون إليه، فذكر قائلاً: إن المرشد ما زال يعاني من غياب الدور، فهو يجب أن يكون حلقة وصل وتكييف للعلاقة بين المدرّس والتلميذ في حال اضطرابها، والملاحظ أن المرشد غالباً ما يأخذ دوراً (هذا إذا كان له دور) إلى جانب التلميذ على حساب المدرس، وهنا نحن أمام مشكلة أو حساسية من نوع ما بين المدرس والمرشد، في الوقت الذي يجب أن يكون المرشد في نصف المسافة بين الطرفين، وهذه المكانة هي التي تجعله يأخذ دوراً ذا تأثير في حلّ المشكلات، التي تحدث بين المدرّس والتلميذ، وبالتالي تدخل المشكلة في منعطف خطير يصعب حلّها، وتكون لها آثار مستقبلية على طبيعة العلاقة بين المدرس والمرشد، وهذه من الأخطاء التي يرتكبها المرشد وربما عن غير قصد أو عن غير وعي تام لمهمته كمرشد.
ليس من طرف واحد
القوانين تحمي الطالب ولا تحمي المدرس في حالة ارتكاب العنف من أحدهما تجاه الآخر، وحول ذلك أكد د. العمار أن العنف فعلاً ليس من طرف واحد، فليس دوماً الطالب هو محل الاعتداء، فكثيراً ما يكون المدرس هو محل الاعتداء والإهانة، وهنا الطامة أكبر، فإذا كان العنف تجاه الطالب خطأ، فالعنف تجاه المدرس أكثر خطأ، فالقوانين غالباً ما تحمي الطالب، في الوقت الذي لا تحمي فيه المدرس، فماذا لو ضُرب مدرس من قبل طالب، وما العقوبة التي يستحقها الطالب عندها؟!.
هذه مسألة حيوية جداً للطرح، ولطالما شكا المدرسون منها، فأصبح المدرس يتمنى أن يدخل إلى حصته ويخرج منها بأقل الأضرار وبأقل احتكاك مع الطالب وأكثر مراعاة له.
كيف نخرج من هذه القضية؟!
وعن مقترحات الخروج من هذه القضية (المشكلة)، أشار د. خالد العمار إلى أن موضوع العنف المدرسي يستحق أن تُعقد ندوات حوله، بل مؤتمرات لتخرج بحلول تناسب واقعنا، لا أن نأتي بنظرية أو فرض من الغرب أو الشرق، ونطبقه على واقعنا الذي يتمتع بمتغيرات حضارية وثقافية وتربوية تميزه عن باقي المجتمعات، وبشكل عام ينبغي وضع قانون يحمي المدرس كما هو حال التنبيهات أو القرارات التي تحثّ على منع الضرب في المدارس ليشعر المدرّس بالأمان المنشود في مدرسته، والذي ننشده للطالب بالوقت نفسه، وهذا يعود بالنفع على العملية التربوية والتحصيلية، كما يجب أن يكون الأهل على اتصال دائم مع المدرسة والمدرس والإدارة، ومعرفة وضع التلميذ أو الطالب وعلاقته مع محيطه، لأن مثل هذا الاتصال يساعد في حل كثير من المشكلات.
والهام أيضاً إعادة تأهيل المرشدين من خلال دورات تدريبية تقيمها وزارة التربية، وتتناول ليس فقط مشكلة العنف، بل مجمل المشكلات المدرسية التي يكون فيها المرشد على صلة مباشرة تجعله في وجه الأحداث، وتجعله صاحب الحل أو المقترح المؤدي إلى الحل، وهنا عليه أن يتسم بكثير من التوازن في علاقته مع المدرّس والطالب.
مؤشرات سيفين تكاد تخسر عينها اليسرى
الطفلة «سيفين نصر الدين» إنها تلميذة في الصف الأول من التعليم الأساسي، فرحت كما أقرانها بأنها ستصبح في المدرسة ولأول مرة، لكن هذه الفرحة تحولت إلى كابوس، ففي اليوم الثالث من انطلاقة العام الدراسي الحالي، أُصيبت عين سيفين اليسرى بضربة من تلميذ صف سادس، قال المعلمون في مدرسة الشهيد عبد القادري للتعليم الأساسي في الحسكة: إنها ضربة عصا (قصب)، في حين رجح الأطباء أنها أداة حادة.. وأسعف معلمان على أثرها التلميذة إلى المشفى الوطني، حيث تمت خياطة العين بعد انتظار دام نحو ساعتين وفق والدها، الذي انتقل بها على الفور إلى مشفى خاص بدمشق ، حيث تبيّن وبعد مراجعات متعددة أن وضع العين حرج، وقد تفقد الرؤية تماماً، ولحرقة الأب على وضع طفلته انطلق بها إلى بيروت، فتبيّن أن العين تحتاج عملية بكلفة /450/ ألف ل.س والنتيجة غير مضمونة، ونصحوه بالعودة إلى دمشق ومتابعة العلاج فيها، وحتى الآن مرّ نحو شهر ولا تحسّن يُذكر في عين سيفين، والأهل يتحرقون على وضعها الذي ينفطر له القلب.
كما علمنا أن الصفوف في المدرسة المذكورة كانت دون معلمين في الأيام الأولى من الدوام ، والتلاميذ متروكون وهم يتعاركون ضمن فوضى عارمة دون رقابة أو متابعة لهم في المدرسة، ما أدى وقد يؤدي في المدرسة المذكورة أو غيرها إلى وقوع إصابات غير محمودة النتائج... والأمل من وزارة التربية الوقوف على حادثة سيفين ومساعدتها في الشفاء، علماً أن والدها تقدم بشكوى إليها حول ما حدث، وكذلك أن تتم دراسة ظاهرة العنف المدرسي وإيجاد الحلول لمحاصرتها قدر الإمكان.
| |
|